ثم بيَّن الشيخ أن «لا إله إلا الله» مركبة من نفي وإثبات، وهما ركنا شهادة أن «لا إله إلا الله»، فقوله:«لا إله» نفي استحقاق العبادة عن كل ما سوى الله، «(لا إله) نافيًا جميع ما يعبد من دون الله»، وإثبات في قوله: «(إلا الله) مثبتًا العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه لا شريك له في ملكه»، فإذا كان هو الذي له الملك كله، وهو خالق كل شيء؛ فيجب أن يكون هو المعبود وحده.
قال الشيخ: «وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِمَّا تَعْبُدُون (٢٦)﴾ ﴿إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِين (٢٧)﴾ ﴿وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون (٢٨)﴾ [الزخرف]» هذه الآية دلت على أن كلمة التوحيد تتضمن البراءة من المشركين وشركهم، ومثلها قوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلاَّ رَبَّ الْعَالَمِين (٧٧)﴾ [الشعراء]، وقوله تعالى: ﴿قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الممتحنة: ٤]، فكلمة التوحيد تتضمن البراءة من المشركين وشركهم، وما يعبدون من دون الله.
«و» مما يُفسرها «قوله: ﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُون (٦٤)﴾ [آل عمران]»، فعُلم أن كلمة التوحيد تتضمن إفراده تعالى بالربوبية والألوهية، فلا يتخذ الناس بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله، ولا يعبد الناس أحدًا غير الله، فإذا أعرض الكفار والمكذبون عن هذا الأمر: ﴿فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُون (٦٤)﴾، مستسلمون لله عابدون له لا نشرك به شيئًا.