قال: «والدليل قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُمْ مُّحْسِنُون (١٢٨)﴾ [النحل]»؛ اتقوا ربهم وأحسنوا في تقواهم، وهذه هي: معية الله الخاصة قيدها بالمتقين، ونظير ذلك قوله سبحانه عن نبيه ﷺ: ﴿لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا﴾ [التوبة: ٤٠]، وقوله تعالى لموسى وهارون ﵉: ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)﴾ [طه]، وهذه المعية تقتضي: التأييد والحفظ والنصر.
«وقوله: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيم (٢١٧) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُوم (٢١٨) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِين (٢١٩) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيم (٢٢٠)﴾ [الشعراء]» والمعنى: اعتمد بقلبك وفوض جميع أمورك إلى من يراك وأنت قائم في عبادته، وأنت بين الساجدين ومعهم؛ فإن توكلت عليه فإنه كافيك، ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ [الطلاق: ٣]، وهذا ظاهر الدلالة على معنى قوله ﷺ:«فإن لم تكن تراه فإنه يراك»(١).
«وقوله: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [يونس: ٦١]»، ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ﴾؛ أي: حال من أحوالك الدينية والدنيوية ﴿وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ﴾؛ أي: وما تتلو من القرآن الذي أوحاه الله إليك، وهذا أخص من قوله: ﴿وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ﴾، وخصها بالذكر؛ لأن تلاوته للقرآن من أعظم شؤونه ﷺ، ﴿إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا﴾ هذا هو الشاهد؛ والمعنى: إلا كنا حاضرين وقت شروعكم فيه واستمراركم على العمل به، فراقبوا الله في أعمالكم