للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأدوها على وجه النصيحة والاجتهاد فيها، وإياكم وما يكرهه الله تعالى، فإنه مطلع عليكم عالم بظواهركم وبواطنكم.

وكل هذه الآيات تدل على مقام الإحسان، وأن الله يرى عبده في جميع أموره، وفي جميع أحواله، فهو حاضر يسمع كلام العبد ويرى مكانه، ويعلم سره وعلانيته، ﴿وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُون (٦٩)[القصص]، فإذا استحضر العبد ذلك كان من أسباب إقباله على ربه، وصدقه في عبادته، وتكميله لها، ولكن بسبب الغفلة والذهول عن هذا الأمر يؤدي الإنسان العبادة بفتور، والمؤمن يؤمن بأن الله يراه، ولكن فرْقٌ بين الإيمان بهذا الأمر، وبين الشعور به واستحضاره.

وكثير من الناس لا يستحضر هذا الأمر، فهذا مقام عظيم، إنما يحققه الكُمَّل من المؤمنين.

وتقدم أن دين الإسلام ثلاث مراتب: الإسلام، والإيمان، والإحسان، وقد ذكرها الشيخ، وذكر أركانها ومعناها، وأدلتها من القرآن، ثم قال: «والدليل من السنة حديث جبرائيل المشهور عن عمر »؛ أي: الدليل على ما تقدم كله من السنة النبوية، وإذا أطلق حديث جبريل يراد به هذا الحديث، وقد روى هذا الحديث مسلم عن عمر (١)، ورواه أيضًا هو والبخاري بلفظ مختلف قليلًا عن أبي هريرة (٢) «قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله ؛ إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد»


(١) رواه مسلم (٨).
(٢) رواه البخاري (٥٠)، ومسلم (٩).

<<  <   >  >>