الآية الثانية: قوله تعالى: «﴿إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر (٢)﴾» هذا هو المقسم عليه، و «ال» هنا للجنس؛ والمعنى: أن كل إنسان في خسارة، والخُسر: ضد الربح، إلا من استثنى الله بقوله:
﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر (٣)﴾ فمن حقق هذه الأركان الأربعة؛ فاز بالربح العظيم، ونجا من الخسران؛ فحظ الإنسان من الربح بحسب حظه من هذه الخصال الأربعة.
﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ والإيمان لا يكون إلا بعلم، ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ وهذا ثمرة العلم والإيمان، فمن رزقه الله العلم والإيمان؛ عمِلَ الصالحات.
﴿وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ﴾ أي: نصح بعضهم بعضًا، وذكَّر بعضهم بعضًا، والحق: يشمل العلم والإيمان، والعمل الصالح.
﴿وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر (٣)﴾ وأوصى بعضهم بعضًا بالصبر.
والتواصي بالحق والتواصي بالصبر هما من جملة العمل الصالح، وهو يدخل في الإيمان، فهذه الأمور الأربعة بعضها يدخل في بعض، فعطف الأعمال الصالحة على الإيمان، وعطف التواصي على عمل الصالحات، كلها من عطف الخاص على العام.
فدلت هذه السورة على المسائل الأربع التي ذكرها الشيخ:
١ - مسألة العلم يدل لها قوله تعالى: ﴿إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا﴾.
٢ - ومسألة العمل يدل لها قوله تعالى: ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾.