وحديث أبي واقد الليثي ﵁ قال:«خرجنا مع النبي ﷺ إلى حنين، ونحن حدثاء عهد بكفر، وللمشركين سدرة يعكفون عندها، وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات أنواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط … » الحديث (١).
مما يجب أن يُعلم أن النبي ﷺ لما بعثه الله لدعوة الخلق إلى عبادة الله وحده لا شريك له وجد أناسًا أشتاتًا في عباداتهم وشركهم، كل له معبود، قال تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِين (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون (٣٢)﴾ [الروم]، فمنهم من يعبد الشمس والقمر، ومنهم من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء، ومنهم من يعبد الصالحين، ومنهم من يعبد الأشجار والأحجار، والرسول ﷺ كفَّرهم كلهم، وقاتلهم كلهم، ولم يفرق بينهم.
فلا نقول: هذا يعبد الملائكة، والملائكة لهم شأن وفضل، لا؛ بل كلُّ مَنْ عَبَد مع الله غيره فهو مشركٌ كافرٌ؛ فإن العبادة حقٌ لله لا يجوز صرفها لغيره؛ لا لملك مقرب ولا لنبي مرسل، قال ﷾: ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ﴾ [الأنفال: ٣٩]، أي: حتى لا يكون شرك، فأمر الله بقتال الكفار كلِّهم دون فرق.
(١) رواه أحمد (٥/ ٢١٨)، وصححه الترمذي (٢١٨٠)، وابن حبان (٦٧٠٢).