ثم ذكر الشيخ الآيات التي تدل على وجود الشرك بهذه الأشياء، فقال:«ودليل الشمس والقمر» أي الدليل على أن بعض الناس عبَد الشمس والقمر، قوله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ﴾، فنهى عن السجود للشمس والقمر وأمر بالسجود لله الذي خلقهن، فهو تعالى المستحق أن يُعبَد؛ لأنه خالقهما، وقال الهدهد في شأن بِلْقِيس: ﴿﴿وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [النمل: ٢٤].
والدليل على أن بعض الناس عبَد الملائكة والأنبياء قوله تعالى: ﴿وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُون (٨٠)﴾، فهذا دليل على أن من المشركين من يعبد الملائكة، ومنهم من يعبد الأنبياء.
والدليل على أن مِنْ الناس مَنْ عبَد بعض الأنبياء والصالحين، قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَاعِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوب (١١٦) مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ﴾ [المائدة]، فهذه الآية فيها دلالة على وجود الشرك بالأنبياء، فعيسى ﵇ نبي، وفيها دلالة - أيضًا - على وجود الشرك بالصالحين؛ فإن أمه من الصالحات.
والدليل على أن من الناس من يعبد الصالحين، قوله تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلا (٥٦) أُولَئِكَ