وقد أفردتُ كتاباً لما ضُعِّفَ من أحاديثِ الصحيحينِ مع الجواب عنها. فمَنْ أرادَ الزيادةَ في ذلك فليقِفْ عليه، ففيه فوائدُ مهمّاتٌ.
وقولُهُ:(ولَهُما بلا سَنَدْ أشيا) . أي: وللبخاريِّ ومسلمٍ في الصحيحِ مواضعُ لم يَصِلاها بإسنادِهِما، بل قطعا أوَّلَ أسانيدِهما مما يليهِما. وذكرَ ابنُ الصلاحِ أنَّ ذلك وقعَ في الصحيحينِ. قالَ:((وأغلبُ ما وقع ذلك في كتاب البخاريِّ، وهو في كتابِ مسلمٍ قليلٌ جداً)) . قلتُ: في كتابِ مسلمٍ من ذلك موضعٌ واحدٌ في التيمُّمِ. وهو حديثُ أبي الْجُهَيم بنِ الحارثِ بنِ الصِّمَّةِ. أقبلَ رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نحوِ بئرِ جمل، ... الحديث. قال فيه مسلم: وروى الليثُ بنُ سعدٍ. ولم يوصلْ مسلمٌ إسنادَهُ إلى الليثِ. وقد أسندَهُ البخاريُّ عن يحيى بنِ بكيرٍ عن الليثِ. ولا أعلمُ في كتاب مسلمٍ بعد مقدمةِ الكتابِ حديثاً لم يذكرْهُ إلا تعليقاً غيرَ هذا الحديثِ. وفيه مواضعُ أخرُ يسيرةٌ رواها بإسنادِهِ المتصلِ، ثم قال: ورواهُ فلانٌ، وهذا ليس من باب التعليقِ، إنّما أرادَ ذِكْرَ مَنْ تابعَ رواية الذي أسندَهُ من طريقِهِ عليه، أو أرادَ بيانَ اختلافٍ في السندِ، كما يَفْعَلُ أهلُ الحديثِ. ويدلُّ على أنَّهُ ليسَ مقصودُهُ بهذا ادخالَهُ في كتابِهِ؛ أنَّهُ يقعُ في بعضِ