ليسَ المرادُ هُنا بالإرسالِ ما سقطَ منهُ الصحابيُّ، كما هو المشهورُ في حدِّ المرسلِ. وإنَّمَا المرادُ هُنا: مُطلقُ الانقطاعِ.
ثُمَّ الإرسالُ على نوعينِ: ظاهرٌ، وخفيٌّ.
فالظاهرُ هو أَنْ يرويَ الرجلُ عَمَّنْ لم يعاصرْهُ بحيثُ لا يشتبهُ إرسالُهُ باتصالِهِ على أهلِ الحديثِ، كأنْ يرويَ مالكٌ مثلاً عن سعيدِ بنِ المسيِّبِ، وكحديثٍ رواهُ النسائيُّ من روايةِ القاسمِ بنِ محمدٍ، عن ابنِ مسعودٍ، قالَ أصابَ النبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعضَ نسائِهِ، ثُمَّ نامَ حَتَّى أصبحَ، ... الحديثَ فإنَّ القاسمَ لَمْ يُدْرِكِ ابنَ مسعودٍ.
والخفيُّ: هو أنْ يرويَ عمَّنْ سمعَ منهُ ما لم يسمعْهُ منهُ، أوْ عمَّنْ لقيَهُ ولم يسمعْ منه، أوْ عمَّنْ عاصرَهُ ولم يلقَهُ، فهذا قد يخفى على كثيرٍ من أهلِ الحديثِ، لكونِهِما قد جمعَهُما عصرٌ واحدٌ. وهذا النوعُ أشبهُ برواياتِ المدَلِّسِينَ. وقد أفردَهُ ابنُ الصلاحِ بالذِّكْرِ عن نوعِ المرسلِ، فتبعتُهُ على ذلكَ.