للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث

دراسة عروضية لنظم ألفية الحافظ العراقي:

نظم الحافظ العراقي ألفيته هذه على بحر الرجز ووزنه:

مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ ... مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ مُسْتَفْعِلُنْ

وهو بحرٌ كثيرةٌ أوزانُهُ، متعددةٌ ضروبُهُ، واسعةٌ زحافاتُهُ وهو عَذبُ الوزن واضحه؛ إذ هو من البحور ذات التفعيلة الواحدة، مكرَّرُها كما أن في كثرة زحافاته مجالاً لإرادة التصرف في الكلام، وسعةً في إقامة الجمل؛ إذ ليس بمستطاعٍ لشاعر الإتيان بثلاثة مقاطع قصيرة متتابعة في غير (مُتَعِلُنْ ب ب ب -) إحدى أشكال تفعيلة الرجز (مستفعلن - ب -) ، فضلاً عن أشكال (مُسْتَفْعِلُنْ) الأخرى مثل: (متفعلن ب - ب -) و (مُسْتَعِلنْ - ب ب -) و (مُسْتَفْعِلْ -) .. . الخ.

وهذا من غير شكّ تارك للناظم الفرصة واسعة في النَّظْم والتصرف في التعبير بحسب متطلبات المعنى، ولَمَّا كان النظم في المتون العلمية في مسيس الحاجة لهكذا سعة في الجوازات، رُئِي أكثرها منظوماً على هذا البحر هذا الأمر الذي أفاد منه الحافظ العراقي في نظمه للتبصرة فجاءت على هذا البحر بكل أشكاله وتفعيلاته بل لا يكاد بيت يشبه سابقاً له أو لاحقاً في وزن أو ضرب لكثرة ما أفاده من هذا التعدد في أشكال البحر، فقد جاء ضرب البيت الأول (مُسْتَعِلُنْ - ب ب -) ، والثاني (مَفْعُوْلُنْ -) ، والثالث (مُتَفْعِلُنْ ب - ب -) ، والرابع (فعولن ب -) ، والخامس (مُسْتَفْعِلُنْ - ب -) وهكذا دواليك، هذه الإفادة من الحافظ تركت له الفرصة واسعة للتعبير

<<  <  ج: ص:  >  >>