فقولي:(أي: يقظاً) ، إلى قولي:(وفي العدالةِ) ، تفسيرٌ للضبطِ؛ ويَقُِظَ - بضمِ القافِ وكسرِها - لغتانِ، حكاهما الجوهريُّ وغيرُهُ. وقولي:(يحوي كتابَهُ) ، أي: يحتوي عليه، ويحفظُهُ من التبديلِ والتغييرِ. وقد نصَّ الشافعيُّ على اعتبارِ هذهِ الأوصافِ فيمَنْ يحتجُّ بخبرِهِ، فقالَ في كتابِ " الرسالةِ " التي أرسلَ بها إلى عبدِ الرحمنِ بنِ مهديٍّ: لا تقومُ الحجةُ بخبرِ الخاصّةِ حتّى يَجمعَ أموراً منها: أنْ يكونَ مَنْ حَدَّثَ به ثقةً في دينِهِ، معروفاً بالصدقِ في حديثِهِ، عاقِلاً لما يُحدِّثُ به، عالِماً بما يُحِيلُ مَعانِيَ الحديثِ من اللفظِ، أو يكونَ ممَّنْ يُؤَدِّي الحديثَ بحروفِهِ، كما سمعَهُ، لا يُحدِّثُ به على المعنى؛ لأنَّهُ إذا حدَّثَ به على المعنى، وهو غيرُ عالمٍ بما يحيلُ معناهُ، لم يَدْرِ لعلَّهُ يُحيلُ الحلالَ إلى الحرامِ.
وإذا أدَّاهُ بحروفِهِ فلم يَبْقَ وجهٌ يُخافُ فيه إحالتُهُ الحديثَ، حافظاً إنْ حدَّثَ مِنْ حفظِهِ، حافظاً لكتابِهِ إنْ حدَّثَ مِن كتابِهِ، إذا شَرِكَ أهلَ الحفظِ في الحديثِ وافَقَ حديثَهُم، بريئاً من أنْ يكونَ مُدلِّساً، يُحَدِّثُ عمَّنْ لقيَ ما لم يَسْمَعْ منه، ويحدِّثُ عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بما يُحدِّثُ الثقاتُ خلافَهُ، ويكونُ هكذا مَنْ فوقَه ممَّنْ حدَّثَهُ، حتى يُنْتهَى بالحديثِ موصُولاً إلى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو إلى مَنْ انْتُهيَ بهِ إليهِ دونَهُ؛ لأنَّ كُلَّ واحدٍ منهم مُثبِّتٌ مَنْ حَدَّثَهُ ومُثْبِتٌ على مَن حَدَّثَ عنه، فلا يُسْتغنَى في كلِّ واحدٍ منهم عمّا وصفْتُ انتهى كلامُ الشافعيِّ - رضي الله عنه -
وقولي وفي العدالةِ، إلى آخر قولي أو خرم مروءة، بيانٌ لشروطِ العدالةِ، وهي خمسةٌ الإسلامُ، والبلوغُ، والعقلُ، والسلامةُ من الفسق وهو ارتكابُ كبيرةٍ، أو إصرارٌ على صغيرةٍ والسلامةُ ممّا يخرمُ المروءة، ولم نذكرْ في شروطِها الحريةَ، وإنْ ذكرَه الفقهاءُ في الشهاداتِ؛ لأنَّ العبدَ مقبولُ الروايةِ