للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقولاً أخرَ: أنهم عدولٌ إلى وقوعِ الفتنِ، فأمَّا بعدَ ذلكَ فلا بدَّ منَ البحثِ عمَّنْ ليسَ ظاهرَ العدالةِ، وذهبَتِ المعتزلةُ إلى فِسْقِ مَنْ قاتلَ عليَّاً منهم، وقيلَ: يُرَدُّ الداخلونَ في الفتنِ كلُّهم؛ لأنَّ أحدَ الفريقينِ فاسقٌ منْ غيرِ تعيينٍ، وقيلَ: يُقبلُ الداخلُ فيها، إذا انفردَ؛ لأنَّ الأصلَ العدالةُ وشككنا في فسقِهِ، ولا يقبلُ معَ مخالِفِهِ لتحققِ فسقِ أحدهما من غيرِ تعيينٍ.

والذي عليهِ الجمهورُ كما قالَ الآمديُّ وابنُ الحاجبِ: إنَّهم عدولٌ كلُّهم مطلقاً. وقالَ الآمديُّ: إنَّهُ المختارُ، وحكى ابنُ عبدِ البرِّ في " الاستيعابِ " إجماعَ أهلِ الحقِّ منَ المسلمينَ، وهمْ أهلُ السنَّةِ والجماعةِ على أنَّ الصحابةَ كلَّهم عدولٌ.

الثالثةُ: المكثرونَ منَ الصحابةِ عنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ستةٌ: أنسُ بنُ مالكٍ، وعبدُ اللهِ بنُ عمرَ، وعائشةُ الصِّدِّيقَةُ بنتُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ، وعبدُ اللهِ بنُ عباسٍ - وهو البحر -، وجابرُ بنُ عبدِ اللهِ، وأبو هريرةَ، وأكثرُ السِّتَّةِ حديثاً أبو هريرةَ، قالَ ذلكَ أحمدُ بنُ حنبلٍ وغيرهُ، وأشرتُ إلى كونِ أبي هريرةَ أكثرهم حديثاً، بقولي: (أكثرُهم) ، ولم يتعرضِ ابنُ الصلاحِ لترتيبِ مَنْ بعدَ أبي هريرةَ في الأكثريةِ، وبعضهم مقاربٌ لبعضٍ. والذي يدلُّ عليهِ كلامُ بَقِيِّ بنِ مَخْلَدٍ: أنَّ أكثرهم أبو هريرةَ، روى خمسةَ آلافِ حديثٍ وثلاثمائةٍ وأربعةً وسبعينَ حديثاً، ثمَّ ابنُ عمرَ، روى ألفي حديثٍ وستمائةٍ وثلاثينَ، ثمَّ أنسٌ، روى ألفينِ ومائتينِ وستةً وثمانينَ، ثمَّ عائشةُ روتْ أَلْفَيْنِ ومائتينِ وعشرةَ، ثمَّ ابنُ عباسٍ، روى ألفاً وستمائةٍ وستينَ حديثاً، ثمَّ جابرٌ، روى ألفاً وخمسمائةٍ وأربعينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>