الثانيةُ فإنهُ قال في " تاريخ الثقاتِ " في ترجمةِ جعفرِ بنِ سُليمانَ الضُّبَعيِّ: ليسَ بين أهلِ الحديثِ مِنْ أئمتنا خلافٌ أنَّ الصدوقَ المتقنَ إذا كان فيهِ بدعةٌ، ولم يكن يَدْعُوا إليها أنَّ الاحتجاجَ بأخبارِهِ جائزٌ. فإذا دَعَى إلى بِدْعَتِهِ سقطَ الاحتجاجُ بأخبارِهِ. وفي المسألةِ قولٌ رابعٌ لم يحكِه ابنُ الصلاحِ، أنَّهُ تقبلُ أخبارُهم مطلقاً، وإنْ كانوا كفّاراً، أو فُسَّاقاً بالتأويلِ. حكاهُ الخطيبُ عن جماعةٍ من أهلِ النَّقْلِ، والمتكلمينَ.
وقولي:(وَرَآهُ الأعْدَلا) ، أي: ابنُ الصلاحِ. وهي جملةٌ معترضةٌ بينَ المبتدأ والخبرِ. وفي الصحيحينِ كثيرٌ من أحاديثِ المبتدعةِ غير الدُّعاةِ، احتجاجاً واستشهاداً. كعِمرانَ بنِ حِطّانَ، وداودَ بنِ الحُصَينِ، وغيرِهما. وفي " تاريخِ نيسابورَ " للحاكمِ في ترجمةِ محمدِ بنِ يعقوبَ بنِ الأخرمِ أنَّ كتابَ مُسْلِمٍ ملآنٌ من الشِّيعةِ.
وقولي:(وَالخُلْفُ في مُبتَدِعٍ مَا كُفِّرَا) ، احترازٌ عن المبتدعِ الذي يُكَفَّرُ ببدعتِهِ، كالمجسمِةِ إنْ قلنا بتكفيرِهم على الخلافِ فيه. فإنَّ ابنَ الصلاحِ لم يحكِ فيه خلافاً. وحكاهُ الأصوليونَ، فذهب القاضي أبو بكرٍ إلى رَدِّ روايتِهِ مطلقاً، كالكافرِ المخالَفِ،