الخطيبُ هذا القولَ للشافعيِّ، لقولِهِ: أقبل شَهادةَ أهلِ الأهواءِ، إلاّ الخَطّابيّةَ مِنَ الرَّافِضَةِ؛ لأنَّهم يَرَوْنَ الشهادةَ بالزُّورِ لموافِقِيهم. قالَ: وحُكِي هذا أيضاً عن ابنِ أبي لَيلَى، والثوريِّ، وأبي يوسفَ القاضي. ورَوَى البيهقيُّ في " المدخلِ " عن الشافعيِّ، قال: ما في أهلِ الأهواءِ قومٌ أشهدُ بالزُّورِ من الرَّافِضَةِ.
والقولُ الثالثُ: أنَّهُ إنْ كانَ داعيةً إلى بدعتِهِ، لم يقبلْ، وإنْ لم يكنْ داعيةً قُبِلَ. وإليهِ ذهبَ أحمدُ، كما قالَ الخطيبُ. قالَ ابنُ الصلاحِ: وهذا مذهبُ الكثيرِ، أو الأكثر. وهو أَعدَلُها وأَوْلاَها. قال ابنُ حبّانَ: الداعيةُ إلى البدعِ لا يجوزُ الاحتجاجُ به عند أئمتنا قاطبةً، لا أعلمُ بينهم فيه اختلافاً. وهكذا حَكَى بعضُ أصحابِ الشافعيِّ أنَّهُ لا خلافَ بين أصحابهِ أنّهُ لا يقبلُ الداعيةُ، وإنَّ الخلافَ بينَهم فيمَنْ لم يَدْعُ إلى بدعتِهِ.
فقولي:(وَنَقَلَ فِيهِ ابنُ حِبَّانَ اتِّفَاقاً) ، أي: في رَدِّ روايةِ الداعيةِ، وفي قبولِ غيرِ الداعيةِ أيضاً. واقتصرَ ابنُ الصلاحِ على حكايةِ الاتفاقِ عنه في الصورةِ الأولى. وأمَّا