عدالتِهِ، وفي أهليتِهِ. وهذا معنى قولِهِ:(ثُمَّ فَمَا إرْسَالُ عَدْلٍ يَحْفَظُ ... ) إِلَى آخره. وقولُهُ:(أوْ مُسْنَدِهِ) أي: وما أسندَهُ من الحديثِ غَيْر هَذَا الَّذِي أرْسَلَهُ مَنْ هُوَ أحفظُ؛ لأنَّ هذا بناءٌ على أنَّ الحكمَ للأحفظِ، وقد أرسل، فلا شكَّ في قدحِهِ في هذا المسنَدِ على هذا القولِ. وقولُهُ:(وَرَأوا أنَّ الأصح الحُكْم للرَّفْع) . أشارَ بهِ إلى مسألةِ تعارضِ الرفعِ والوقفِ. وهو ما إذا رفعَ بعضُ الثقاتِ حديثاً، ووقفَهُ بعضُ الثقاتِ، فالحكمُ على الأصَحِّ، كما قالَ ابنُ الصلاحِ، لما زادَهُ الثقةُ من الرفعِ؛ لأنَّهُ مثبتٌ، وغيرُهُ ساكتٌ، ولو كان نافياً فالمثبِتُ مقدّمٌ عليه؛ لأنَّهُ عَلِمَ ما خَفِيَ عليهِ.
وقولُهُ:(وَلَو من وَاحِد في ذَا وَذا) . أشارَ بهِ إلى ما إذا وقعَ الاختلافُ مِن راوٍ واحدٍ ثقةٍ في المسألتينِ معاً فوصَلَهُ في وقتٍ وأرسَلَهُ في وقتٍ، أو رَفَعهُ في وقتٍ، ووقَفَهُ في وقتٍ، فالحكمُ على الأصَحِّ لوصلِهِ ورْفعِهِ، لا لإرْسالِهِ ووقْفِهِ. هكذا صحّحَهُ ابنُ الصلاحِ. وأما الأصوليون فصححوا أنَّ الاعتبارَ بما وقع منه أكثرُ. فإنْ وقعَ وصلُه، أو رفعُه أكثرَ من إرسالِهِ، أو وقفهِ؛ فالحكمُ للوصلِ، والرفعِ. وإنْ كان الإرسالُ، أو الوقفُ أكثرَ، فالحكمُ له.