مسلمٌ وأبو داودَ والترمذيُّ. قالَ الحاكمُ: هذهِ سنةٌ غريبةٌ تفرّدَ بها أهلُ مصرَ ولم يشاركهُم فيها أحدٌ.
وقولُهُ:(فإنْ يُريدوا واحداً من أهلِها) أي: فإن يريدوا بقولهم: انفردَ بهِ أهلُ البصرةِ، أو هو من أفرادِ البصريين، ونحوَ ذلك واحداً من أهلِ البصرةِ انفردَ به متجوّزينَ بذلك كما يضافُ فعلُ واحدٍ من قبيلةٍ إليها مجازاً فاجعلْه من القسمِ الأولِ، وهو الفردُ المطلقُ. مثالُهُ ما تقدّمَ عند ذكرِ المنكرِ من روايةِ أبي زُكَيْرٍ، عن هِشامِ بنِ عروةَ، عن أبيهِ، عن عائشة مرفوعاً: كُلوا البلحَ بالتمرِ ... الحديثَ. قالَ الحاكمُ: هو من أفرادِ البصريينَ عن المدنيينَ تفرّدَ به أبو زُكيرٍ، عن هشامِ بنِ عُروة. انتهى. فجعلَهُ من أفرادِ البصريينَ، وأرادَ به واحداً منهم.
وليس في أقسامِ الفردِ المقيّدِ بنسبةٍ إلى جهةٍ خاصّةٍ ما يقتضي الحكمَ بِضَعْفِها من حيثُ كونُها أفراداً، لكن إذا كانَ القيدُ بالنسبةِ لروايةِ الثقةِ كقولِهِم: لم يروِهِ ثقةٌ إلاّ فلانٌ، فإنَّ حكمَهُ قريبٌ من حكمِ الفردِ المطلقِ؛ لأنَّ روايةَ غيرِ الثقةِ كَلا روايةٍ، إلا أنْ يكونَ قَدْ بلغَ رتبةَ مَنْ يُعتبرُ بحديثه. فلهذا قِيْلَ:(يقربُ) . ولم يُجعَلْ حكمُه حكمَ الفردِ المطلقِ من كُلِّ وجهٍ.