، وعن أبي مجلزٍ غيرُ سليمانَ التيميِّ، وعن سليمانَ التيميِّ جماعةٌ، وهو مشهورٌ بينَ أهلِ الحديثِ، وقد يستغربُهُ غيرُهم؛ لأَنَّ الغالبَ على روايةِ التَّيْميِّ، عن أنسٍ، كونُها بغيرِ واسطةٍ، وهذا الحديثُ بواسطةِ أبي مجلزٍ.
ثُمَّ إنَّ المشهورَ أيضاً ينقسمُ باعتبارٍ آخرَ إلى ما هو متواترٌ، وإلى ما هو مشهورٌ غيرُ متواترٍ. وقد ذكرَ المتواترَ الفقهاءُ والأصوليونَ وبعضُ أهلِ الحديثِ. قالَ ابنُ الصلاحِ: ((وأهلُ الحديثِ لا يذكرونَهُ باسمهِ الخاصِّ المشعرِ بمعناهُ الخاصِّ، وإنْ كانَ الخطيبُ قد ذكرَهُ في كتابهِ " الكفايةِ " ففي كلامهِ ما يُشْعِرُ بأنَّهُ اتَّبَعَ فيهِ غيرَ أهلِ الحديثِ)) . قلتُ: قد ذكرَهُ الحاكمُ، وابنُ حَزْمٍ وابنُ عبدِ البَرِّ. وهو الخبرُ الذي ينقلُهُ عددٌ يَحْصُلُ العِلْمُ بصدْقِهِمْ ضَرُوْرَةً. وعبَّرَ عنه غيرُ واحدٍ بقولِهِ: عددٌ يستحيلُ تواطؤُهم على الكذبِ. ولا بُدَّ مِنْ وجودِ ذلكَ في رواتِهِ منْ أَوَّلِهِ إلى منتهاهُ، وإلى ذلكَ أشرتُ بقولي:(في طبقاتِهِ) . قالَ ابنُ الصلاحِ: ومَنْ سُئِلَ عن إبرازِ مثالٍ لذلكَ أعياهُ تَطَلُّبُهُ. ثُمَّ قالَ: نعمْ.. حديثُ:((منْ كَذَبَ عليَّ متعمِّداً فليتَبَوَّأْ مقعدَهُ من النارِ)) ، نراهُ مثالاً لذلكَ فإنَّهُ نقلَهُ من الصحابةِ - رضي الله عنهم - العددُ الجمُّ، وهو في " الصحيحينِ " مرويٌّ عن جماعةٍ منهم. قالَ: وذكرَ أبو بكرٍ البزَّارُ في " مسندِهِ ": أنَّهُ رواهُ نحوٌ من أربعينَ رجلاً منَ الصحابةِ. قالَ: وذكرَ بعضُ الحفَّاظِ: أنَّهُ رواهُ اثنانِ وستونَ نفساً من الصحابةِ، وفيهم العشرةُ المشهودُ لهم بالجنَّةِ. قالَ: وليسَ في الدنيا حديثٌ اجتمعَ على روايتِهِ العشرةُ غيرَهُ