الوضوء والصلاة، ولهذا دلالة كبرى في معرفة البدايات والأصول العمليات، ولم يزل ذلك مرافقاً لعمل الرسول صلى الله عليه وسلم، فلا يزداد مع الأيام إلا ترسخاً في الدين، وما تنزل القرآن بعده إلا بما يؤكد أنه أساس الغايات، ومنتهى العبادات.
وتأمل كيف أن الله جل جلاله أفرد (إقام الصلاة) بالذكر -في بناء المنهج الإصلاحي- بعد ذكر التمسيك بالكتاب، مع أن الصلاة فرع عن التمسيك بالكتاب، وداخلة في معناه، فلولا أنها أساس، وأم من أمهات البلاغ القرآني، ومنطلق من منطلقات الصلاح والإصلاح؛ لما كان لها ذلك التفريد الفريد، قال عز من قائل:{وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ}[الأعراف:١٧٠].
إن العلماء يجمعون على أن الوظيفة الوحيدة للإنسان في الكون هي عبادة الله، فكل حظوظه الدنيوية إنما هي منجرة بالتبع مع أصل العبادة، وإنما أتيح له أن ينال من حظه ما يعينه على وظيفته الأساس، وأصل ذلك ومستنده قوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:٥٦].
إن خلاصة دين الإسلام عقيدةً وشريعةً: هي إخلاص العبادة لله الواحد القهار، والصلاة منه هي مفتاح كل شعيرة من شعائره، وروحها، وغايتها؛ زكاةً، وصياماً، وحجاً، وجهاداً ... إلى آخر ما تفرع عن هذه وتلك من سائر أعمال