للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[تبصرة: القرآن روح]

من أعجب الأوصاف وألطفها، ومن أغرب الأسماء وأروعها؛ التي سمَّى الله بها كتابه الحكيم، هي: أنه روح! وذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ. صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ} [الشورى:٥٢،٥٣].

والروح له في القرآن خصائص. نذكر منها اثنتين.

الأولى: أن جوهره ممتنع الإدراك، وإنما الشأن فيه أن نقول: (إنه من أمر الله)، قال جل جلاله: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء:٨٥]. وسمَّى القرآنَ هنا أيضاً: {رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا} [الشورى:٨٥].

والثانية: أنه سبب الحياة، وباعثها -بإذن الله- في سائر الأحياء، فبملابسته تحيا الأجساد، وبمفارقته تموت. كما هو منطوق كثير من الأحاديث النبوية. وذلك نحو قوله صلى الله عليه وسلم: «إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله إليه ملكاً، ويؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح ... الحديث» (١). وقال صلى الله عليه وسلم


(١) متفق عليه.

<<  <   >  >>