من ذلك فيصلي راكباً أو قائماً يومئ إيماء» قال في الموطأ: مستقبل القبلة وغير مستقبلها) (١)، وهذه من عجيب صورها. فانظر رحمك الله، هل يبلغ شيء من أعذار الناس اليوم ما ذكره العلماء من الشدة والحرج في القتال، ولم يروا مع ذلك رخصة في تركها، أو تأخيرها عن وقتها؟
فعجيب أمر هذه العبادة العظمى .. لا تبرأ ذمة المسلم منها حتى يؤديها، وقد جاء تأكيد ربطها بالوقت في ظروف الحرب كما قرأت؛ حتى لا يؤخرها مسلم عن وقتها الذي فرضها الله فيه، فالحرب، بل الاشتباك في المعركة، أي ما يسمى قديماً بـ (المسايفة)؛ ليس عذراً لتأخير الصلاة عن وقتها، بله أن يكون عذراً لتركها. وإنما هو يؤثر فقط في شكل أدائها لا في إسقاطها، أو إخراجها عن وقتها، صلّ على أي حال كنت، وخذ حذرك! {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}[النساء:١٠٣]، في السلم وفي الحرب سواء!
تبصرة:
فإلى الذين يرابطون في أسواق التجارات، أو يرابطون في أسواق السياسات والنقابات، ويفرطون -أو يتكاسلون-
(١) تفسير القرطبي، المسمى بالجامع لأحكام القرآن: (٥/ ٣٦٩)، لأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي، نشر دار الشعب، القاهرة. ط. الثانية: (١٣٧٢)، تحقيق: أحمد عبد العليم البردوني.