للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

تبصرة:

إلا أن لنا هاهنا قاعدة مشهورة عند العلماء، وهي: أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دعوة إلى (الخير) أولاً. والخير كل الخير هو معرفة الله، فكل معروف إنما كان كذلك من حيث هو يؤدي إلى معرفة الله، أو هو عين معرفة الله، وكل منكر إنما كان كذلك من حيث هو جهل بالله. فإذا اتفق أن كان أمر بمعروف ما؛ ينتج عنه منكر أكبر منه؛ توجه حينئذ وجوب ترك الأمر بذلك المعروف.

وكذلك إذا كان نهي عن منكر ما يؤدي إلى ما هو أفظع منه؛ توجه وجوب ترك ذلك النهي؛ إلى حين، كما قرره الإمام ابن تيمية رحمه الله في قوله: (وجماع ذلك داخل في القاعدة العامة: فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد، والحسنات والسيئات، أو تزاحمت؛ فإنه يجب ترجيح الراجح منها (...) فإن الأمر والنهي وإن كان متضمناً لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة، فينظر في المعارض له، فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر؛ لم يكن مأموراً به، بل يكون محرماً إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته) (١). وربما كانت الوسائل المستعملة في ذلك سيئة، أو اختيار العبارات غير موفق، أو نحو ذلك من وسائل تحقيق المناط الفاشلة ابتداء، مما لم يراع فيه الزمان وأهله، فيؤدي إلى عكس النتائج المرجوة.


(١) كتاب الاستقامة: (٢/ ٢١٨)، ومجموع الفتاوى: (٢٨/ ١٢٩).

<<  <   >  >>