ومن هنا جاء فرض الحجاب في القرآن، وفي القرآن نفسه قبل سواه، وما نزل القرآن بحكم إلا كان أمراً جليلاً، وعزماً مبيناً، وكان هتكه جرماً عظيماً. فالستر يا بنيتي -لو تبصرين- جمال وجلال.
لباسك الشرعي أيتها الأخت المؤمنة هو -مع كل ما ذكر بهذه الرسالة مما سوى المسجد- ميزان وفائكِ العهدَ مع الله، ومدى التزامك بميثاقه. فتكاليف الدين ليست خاصة بالرجال، بل هي عامة في النساء والرجال على السواء، كل ما عليهم عليك، وكل ما لهم لك، إلا ما استثناه الدليل، قال تعالى:{فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْض}[آل عمران:١٩٥]، إن الدين عهد، وإن الإسلام بيعة، تعلقت بأعناق المسلمين من الرجال والنساء جميعاً، فإما وفاءً، وإما نقضاً والعياذ بالله! ويوم الحساب الكوني قريب! ومن هنا كان لباسك الشرعي -بنيتي- يشكل جزءاً جوهريّاً من (بيعة النساء)، كما جاء مفصلاً في حديث عبد الله بن عمرو قال: جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تبايعه على الإسلام فقال صلى الله عليه وسلم: «أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئاً، ولا تسرقي، ولا تزني، ولا تقتلي ولدك، ولا تأتي ببهتان تفتريه بين يديك ورجليك، ولا تنوحي، ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى!»(١)، ذلك
(١) رواه أحمد والطبراني، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله ثقات.