إن هذه الورقات محاولة لوضع أسس، لمشروع إصلاحي، يخاطب الوجدان الديني، الفردي والجماعي، التفت فيه إلى البدهيات الدينية، الاعتقادية والعملية، التي تبين لي أن كثيرا من البلاء المتسلط على البلاد والعباد؛ إنما مصدره ما وقع -من حيث ندري أو لا ندري- بسبب إهمال تلك البدهيات ونسيانها.
وإني لأعتقد جازماً أن ظهر الحركة الإسلامية اليوم، عار تماما من كل حماية، فهي تقف كذلك على خط المواجهة، غير محمية الظهر؛ فتصاب من خلفها كما تصاب من أمامها. وأحسب أن الرجوع إلى الأصول البدهيات في الدين؛ إنما هو رجوع إلى اعتلاء جبل الرماة، الذي كان إخلاؤه سبب هزيمة المسلمين في معركة أحد.
وإني لأرجو أن تكون هذه الورقات فاتحة خير إن شاء الله، لنفسي أولاً، ولمن شرح الله صدره لبلاغات القرآن؛ عسى أن نعود إلى التَّمْسِيكِ بالأصول، التي بها نكون صالحين لميراث محمد صلى الله عليه وسلم؛ أو لا نكون!
ذلك هو المنهج الرباني الذي عليه وقع البلاغ بصريح نص القرآن العظيم؛ فاقرأ قول الله جل جلاله وتدبر: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ. إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِّقَوْمٍ