واختلفوا بعد ذلك في خصائص التعريف ولوازمه، ولا نقول في ذلك إلا بما قال به أهل الحق من السلف الصالح، وإنما المهم عندنا الآن هاهنا بيان هذا الأصل المجمع عليه بين المسلمين:(القرآن كلام الله)، هذه حقيقة عظمى، ولكن لو تدبرت قليلاً ..
الله جل جلاله خالق الكون كله .. هل تستطيع أن تستوعب بخيالك امتداد هذا الكون في الآفاق؟ طبعاً لا أحد له القدرة على ذلك إلا خالق الكون سبحانه وتعالى، فالامتداد الذي ينتشر عبر الكون مجهول الحدود، مستحيل الحصر على العقل البشري المحدود، هذه الأرض وأسرارها، وتلك الفضاءات وطبقاتها، وتلك النجوم والكواكب وأفلاكها، وتلك السماء وأبراجها، ثم تلك السماوات السبع وأطباقها ... إنه لضرب في غيب رهيب لا تحصره ولا ملايين السنوات الضوئية، أين أنت الآن؟ اسأل نفسك .. أنت هنا في ذرة صغيرة جدّاً، تائهة في فضاء السماء الدنيا –الأرض- وربك الذي خلقك، وخلق كل شيء؛ هو محيط بكل شيء قدرة وعلماً .. هذا الرب الجليل العظيم، قدَّر برحمته أن يكلمك أنت، أيها الإنسان؛ فكلمك بالقرآن .. كلام الله رب العالمين، أوَ تدري ما تسمع؟ الله ذو الجلال رب الكون يكلمك {فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى}[طه:١٣] أي وجدان، وأي قلب؛ يتدبر هذه الحقيقة العظمى فلا يخر ساجداً لله الواحد القهار رغباً ورهباً؟