التي لا تدانيها حلاوة، وليس لي أبداً أن أصف لك المذاق؛ لأن الحلاوة لا تدرك إلا أن تذاق، فلتعرف ما هنالك ذق! وعذري في هذا كله أن أصف لك الطريق، فاسلك عسى أن تكون من الراشدين!
التعرف إلى الله والتعريف به: ذلك هو رأس العلم، وتلك هي زبدة المعرفة، وعليها ينبني ما بعدها من كلمات، في بلاغ الرسالة القرآنية، فلا مبدأ من مبادئها، ولا ركن من أركانها؛ إلا وهو مضمن في المعرفة بالله.
يمكن لك يا صاح -بالتدبر والإبصار- أن تجد كل ذلك عنده؛ لأن من وجد الله -كما في الحكمة المأثورة- وجد كل شيء، ومن فاته الله فاته كل شيء، كيف لا وقد قال الله في بلاغه الحكيم:{فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ}] يونس:٣٢]، ولذلك نوجز ما بقي من بلاغات الرسالة، مختصرين الكلام في المعاني المفتاحية، ولك في كتبنا المفصلة في هذا ما يغني إن شاء الله (١)، وإنما العبرة عندنا هاهنا إبلاغ البلاغ بأخف ما تدركه الأسماع.