متقابلتين: الأولى: هي (الدنيا)، والثانية: هي (الآخرة)؛ وذلك نحو قوله تعالى:{أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ}[التوبة:٣٨]، وقوله سبحانه:{وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ}[الرعد:٢٦].
فالحياة إذن طبقتان: الأولى: تنتمي إلى عالم الشهادة، وهي حياتنا هذه التي نحيى بها، والثانية: تنتمي إلى عالم الغيب، وهي الحياة الآخرة. وقد علمت أن الإيمان بالآخرة في الإسلام -من حيث هي (حياة) - ركن من أركان الإيمان الستة، التي وجب على كل مسلم أن يعلمها، ويؤمن بها. ولنبدأ الآن رحلة التدبر لهذا المعنى في الرسالة القرآنية.
ذلك أنه ما قُرِن بالإيمان بالله شيء -في الكتاب والسنة- مثل الإيمان باليوم الآخر، فهو أصل من أصول الرسالة القرآنية، ومقصد من مقاصد البلاغ الإلهي، وما كان ذلك ليكون لولا أن فيه حكمة ما، وهو ما نحاول اكتشاف بعض أسراره في هذه الإشارات بحول الله.
وأما الآيات فلنذكر منها أمثلة، تدل على ما سواها، فذلك في القرآن أكثر من أن يحصى لفظاً ومعنى، ونحوه قول الله تعالى في حق المؤمنين الصالحين من سائر الملل: {إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ