أبصرها! وذلك كان سبباً في كثير من البلاء والارتباك الحاصل في السير، هنالك كانت الثغرات التي دخل منها المرض إلى الجسم، ويُجْمِعُ الأطباء على أن أخطر مراحل التطبيب هو تشخيص الداء، قبل وصف الدواء.
ثم إنه لابد -بين يدي هذه الورقات- أن أعلن ما سبق لي إعلانه في كتاب:(البيان الدعوي) من أنني أنطلق في عملي هذا من (مبدأ تأميم الدعوة إلى الله)، كما سلف بيانه مفصلاً في محله، بأدلته وشواهده، والمقصود بـ (تأميم الدعوة): تحريرها من كل انتماء (حركي) ضيق، بالمعنى السياسي للكلمة.
لقد كان مما ضيق الاستيعاب الدعوي بالمغرب وغيره؛ أن الكلمة الطيبة عرضت على الناس باسم التنظيمات والحركات! حتى قاس كثير من الشباب الدخول إلى (الجماعة) على وزان الدخول إلى الإسلام، والخروج عنها كالخروج عنه! لقد آن الأوان لتختص الحركات الإسلامية الحزبية بالاشتغال المؤسسي، والتدافع السياسي، كما هو حالها في الواقع اليوم، وهو أمر لا نقلل من شأنه وأهميته، ولكن على أساس أن يتحرر الشأن الدعوي العام من قبضتها، فالتجربة أثبتت أنها ما زادته -في المرحلة الأخيرة- إلا ضعفاً وتقويضاً!
إن (الحركة) مشروع اجتهادي قد تتباين وجهات النظر فيه من التوافق إلى الاختلاف، حتى التناقض والتنافي أحياناً!