أحد المشتغلين بالعلم وهو أبو عبد الله محمَّد بن طنبغا بالبحث عنها في كتب الحنفية، وقد عثر على ما ظنه حاسمًا في الأمر وهو التحريم أو الكراهة ولا ندري لِمَ اقتصر ذلك الباحث على الاتجاه المانع دون المثبت مع أنه متداول في كتب المذهب الحنفي كما أثبت المؤلف. فكان الجواب على ما عرض على المؤلف مما اختاره ابن طنبغا من كتاب جلال الدين التّبَّاني هو السبب لتأليف هذا الكتاب.
[أسلوب الكتاب]
نهج المؤلف في كتابه منهجًا جامعًا بين أسلوب الردود والمعارضات، وأسلوب البيان المستأنف، فقد قام بتجزئة ما جاء في السؤال إلى فقرات ثم كرَّ عليها بالنقد الشديد لكنه نقد علمي هادف لم تعكر صفوه تلك الشدة التي اقتضاها المقام ... كما إنه جمع بين طريقتي المنقول والمعقول، ولم يستنكف عن الاستشهاد بأقوال الفقهاء من المذاهب الأخرى. وقد طبَّق المؤلف ما يطلق عليه في أصول الإِفتاء (أسلوب الحكيم) وهو الزيادة عما ورد في السؤال إذ لم يكتف بتفنيد الشبهات والادعاءات الواردة فيه، بل أضاف إليها الردّ على ما أثير في الموضوع من غير الجلال التّبَّاني.
[أهمية الكتاب، ومصادره]
لا تخفى أهمية الكتاب في تصحيح ما وقع من وهم في تحرير مذهب الحنفية، فضلًا عن تصحيح المقصود من التحرز الذي وقع للإمام مالك، إذ ليس فيه معنى الحكم بالكراهة أو التحريم، وإنما هو من قبيل سدّ الذرائع، والذرائع إذا أمكن سدَّها بالتوعية والتوضيح لا يصار إلى سدِّها بالمنع. ومصادر المؤلف للبيانات التي أوردها هي كتب الفقه وكتب الحديث وشروح الأحاديث، ولم يقتصر على مراجع مذهب الحنفية وحدها. ولا أعلم أن لهذا