حجته واختبر قوته كما يختبر قوتك وحجتك وعدتك، فإن رأيت مقدمًا وإلا كان التأخر قبل التقدم خير من الندم بعد التقدم.
وفى ذلك أقول شعرًا:
إذا ما أردت الأمر فاعرفه كله ... وقسه قياس الثوب قبل التقدم
لعلك تنجو سالمًا من ندامةٍ ... فلا خير في أمرٍ أتى بالتندم
وإن من الناس مَن يرزق حجة أو عدة أو قوة فيكون عدته هى التى تقتله، وقوته التى تصرعه وحجته التى تخصمه، وذلك أنه ربما أذل (١٥) مقاتل قبل أن يعلم أهو أعدَّ أم الذى يقاتله وكذلك في الذى يخاصمه ويصارعه فإذا هو قتل أو صرع أو خصم فلم تنفعه جودة عدته، ولا قوة حجته حين أتى الأمر من غير جهته.
وفى ذلك أقول شعرًا:
إذا ما أتيت الأمر من غير وجهه ... يصعب حتى لا يرى منه وفقا
فإن الذى يصاد بالفخ إن عتى ... على الفخ كان الفخ أعتى وأضيقا
[قال في العتاب]
وقال في الذى يعاتب الناس إلى برك، وإجلال أمرك وتعظيم قدرك بالمعاتبة، ولكن أدعتَهُم إلى ذلك ما يستوجبه منهم وانظر الأمر الذى أكرم به من هو أبعد منك وقرب به من أنت أقرب منه فالزمه فإنك إن تلزمه لم يحتج معه إلى معاتبة ولا استبطاء حق لأنك إن دعوتهم إلى تكرمتك بغير ما تستوجب التكرمة به فإنما دعوتهم الى إهانتك إما الكلام