للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا:

إن الله تعالى قال: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} وهو معطوف على قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}.

ومعناه: فلم تجدوا ماءً فيتمموا للقيام إلى الصلاة، فقد جعل عدم الماء شرط التيمم للقيام إلى الصلاة، وقد فعل التيمم مع وجود شرطه المشروط له، وهو عدم الماء، وإذا تم المأمور به بشرطه فلا يعتبر بعد ذلك قيام الشرط كسائر الأفعال إذا تمت بشروطها لم يعتبر بعد ذلك قيام الشرط كذلك هاهنا.

فإن قالوا: فلم يجب التوضئ لصلاة أخرى؟

قلنا: لأن الله تعالى جعل القيام إلى الصلاة بالتيمم مشروطاً بعدم الماء وقد قام إلى الصلاة الثانية بالتيمم، والشرط مفقود فلم يجز.

فأما الصلاة الأولى فقد قام إليها بالتيمم مع وجود شرطه والمأمور به إذا استوفى شرطه لم يعتبر بعد ذلك بقاء الشرط، وهذه طريقة في غاية المتانة، وسنذكر ما يتكلمون عليه في حجتهم.

وقد اعتمد في الفقه عامة الأصحاب طريقة أخرى، وهي أنه غير قادر على استعمال الماء لحرمة الصلاة، فإن الصلاة مانعة من كل ما ينافيها وهي منافية لفعل الوضوء. ألا ترى أنه لو فعلها تبطل صلاته فتصير حرمة الصلاة مانعة منها وإذا كانت القدرة معدومة حكماً على هذا الوجه وجب المضي في صلاته كما لو وجد الماء وبينه وبين الماء حائل من سبع أو غيره.

والطريق الأولى أحسن واصبر على المحك وسيظهر من بعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>