بالماء في مسألتنا فريضة، فثبت أن وجود الماء قد حصل ولم يصر عادماً له حكماً من الوجه الذي قلتم فخرج التيمم من أن يكون طهارة لفوات شرطه فيبطل صلاته كما لو أحدث).
قالوا: وليس كما لو كان تيمم في صلاة الجنازة في فرأى الماء وهو يخاف فوتها لو اشتغل بالوضوء حيث يمضي فيها.
لأن عندنا صلاة الجنازة لا تقضى فلو أفسدناها فاتته الصلاة أصلاً، والماء يجب استعماله لا لعينه بل للصلاة، فإذا كان لا يفيد في حق الصلاة لفواتها أصلاً صار عادماً للماء في حق تلك الصلاة وإن وجد حساً بخلاف مسألتنا.
قالوا: وأما إذا كان يصلي بالتيمم فوجد سؤر الحمار، فإنه يمضي في صلاته ثم يتوضأ بسؤر الحمار ويعيد الصلاة، ويصير في المعنى كأنه جمع بين التيمم وسؤر الحمار في الابتداء، وإنما عمل كذلك لأن سؤر الحمار طهور بالشك، وقد شرع في صلاة بطهارة فلا يخرج بالشك كما في الابتداء لا يدخل بشك بل يجمع ليزول الشك، كذلك هاهنا لا يجبر بالشك بل يمضي ثم يتوضأ ويعيد الصلاة ليزول الشك هاهنا.
قالوا: وليس كما لو وجد الماء بزيادة على ثمن المثل حيث يجعل الوجود كالعدم (لأن قدر الزيادة يذهب بلا عوض، ولذا اعتبرت المحاباة بالهبات في باب التصرفات وللمال حرمة وإن قل فكان له ألا يبذله جزافاً بلا عوض، فإذا لم يصل إلى الماء إلا ببذله يصير عادماً للماء حكماً.