وأما مسألة الرقبة فقد فرق بعض أصحابنا بصورة النص فإن الله تعالى قال في شأن الكفار:{وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ} يعني رقبة، وبعض الرقبة لا يكون رقة.
وأما في مسألتنا فالنص قوله:{فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} والموجود ماء.
قالوا: المراد منه الماء الذي يحصل به غسل الأعضاء الأربعة، لأن هذا اللفظ مسنون على ما سبق والمراد من السابق هذا.
قلنا: المراد من أول الخطاب الماء الذي يحصل به غسل الأعضاء الأربعة عند القدرة عليها وما يغسل به البعض أيضاً إذا لم يقدر إلا على ذلك لما بينا أن الأمر إذا تناول مجموع أشياء ما يقدر عليه من ذلك يلزمه الإتيان به والعجز عن الباقي لا يسقطه، وأيضاً فإن العتق عن الكفارة محض حكم. لأنه تكفير فلا يحصل شيء منه إلا بظهور حكمه.
وأما الوضوء حكم مبني على فعل محسوس فبقدر ما يوجد من الفعل المحسوس يبتنى عليه المحكوم كما نقول في إزالة النجاسة وستر العورة.
ولهذا لو أعتق نصفي رقبة لا يجوز، ولو غسل/ هاهنا بعض الأعضاء وأعوز الماء الباقي ثم وجده من بعد بنى على ما فعله مثل قبل ولا يستأنف الوضوء ويمكن أن يقال في الجواب عن أصل الطريقة: أن الطهارة معنى يحتاط فيها شرعاً فإذا قدر منها على بعض ما لو تم يفيد الحكم الشرعي من الطهارة المحلة للصلاة ويلحق بالكل في تناول الأمر إياه في لزوم الفعل ليظهر الاحتياط المشروع فيها فعلاً.