قلنا: لسنا ندعي أن العزم بدل عن الواجب ولكن أردنا بما قلنا أن نبين أن الترك على الوجه الذي ظنوه من مذهبنا لا مطلقه.
وتبين بهذا الشرط وقوع الفرقان بينه وبين النافلة.
وإن قلنا: بدل، فهو بدل من وجه لا من وجه، وإنما يقوم البدل مقام الأصل في سقوط الواجب إذا كان بدلاً من كل وجه.
ونعني بقولنا:((بدل من وجه لا من وجه)) أنه بدل تركه في أول الوقت لا بدل تركه أصلاً وهذا جواب.
وجواب آخر: وهو الأولى، قولكم ((مخير في أول الوقت بين الصلاة وتركها)) لا نسلم أن الموجود ترك الصلاة بل هو تأخير من وقت لها إلى وقت مثله ليؤديها فيه على ما كان يؤديها في أول الوقت، وإنما جاز هذا التأخير، لأن الوجوب تعلق بأول الوقت على وصف التوسع، ومعنى قولنا:((وجب موسعاً)) هو هذا فإن الشارع كلفه أداء الصلاة في أول هذا الوقت المسمى وهو وقت يسع للمأمور ويفضل عنه فضلات كثيرة فقيل: وجب وجوباً موسعاً على معنى أن المكلف يتخير في الواجب إن شاء فعله في أول الوقت وإن شاء فعله في أوسطه وإن شاء فعله في آخره مثل الأمر المطلق في الكفارات وقضاء الصلوات والحج على أصلنا، ويلزمه مع هذا ألا يخلي الوقت عنه فصار التأخير الذي تعلقوا به فائدة الوجوب على وصف التوسع فلم يدل على سقوط أصل الوجوب، وعلى هذا صار الواجب على وصفين: واجب مضيق، وواجب موسع، فالمضيق ما لا يسع تأخيره كالإيمان إذ لا يفضل وقته عنه وكالصوم، والموسع ما يفضل الوقت عنه ويسع تأخيره، والوجوب موجود في الصورتين فهذا هو الموضع الذي خفى على القوم بلوغه ولم يدركوا حقيقته.
وأما قولهم:((إنه لو وجب في أول الوقت لم يجب في آخره)).