الوضوء شرع ورد إقامته بالماء المطلق في الكتاب والسنة فإذا أقامه لا بالماء المطلق لم يجز. لأن المقيد غير المطلق، وهذا لأنه إذا كان غيره فالدليل الوارد في أحدهما لا يكون وارداً في الآخر وإنما قلنا: إن هذا الماء ليس بماء مطلق الاسم والمعنى. أما من حيث الاسم فلأنه يقال له ((ماء الزعفران)) فيقيد اسمه بالزعفران ولا يطلق إطلاقاً.
وأما من حيث المعنى فلأنه يقصد ويطلب لخلطه لا لعينه وهذا مخيل جداً لأنه إذا طلب ماء الزعفران فصار هو المقصود، وكان الماء الذي هو محله كالتابع له، وصار هذا كماء الورد والمرق، فإنه لما طلب لرائحته صار المقصود، والمرق لما طلب لدسمه كان هو المقصود أيضاً، كذلك هاهنا.
وأما حجتهم:
قالوا: لم يوجد إلا مجرد التغير، وتغير الماء لا يسلب وصف الطهورية منه- كما لو تغير بطول المكث، وكما لو تغير بالطين أو الطحالب أو الورق.
قالوا: وبهذا نعترض على قولكم: إنه ليس بماء مطلق، لأنه مجرد التغير لا يزيل اسم الماء على الإطلاق بدليل ما قدمنا.
وأما قولكم:((إنه يقال ماء الزعفران)) فمعناه الماء الذي وقع فيه الزعفران وعلى أنه كما يقال: ماء الزعفران يقال: ماء الكبريت وماء البير وماء البحر فتقيد بهذه الأشياء ومع ذلك يجوز التوضئ به.
وقولكم:((إنه يقصد لخلطه)) فيرد عليه ماء الكبريت، والماء المسخن فإنه يطلب لصفته لا لذاته ومع ذلك كان بمنزلة سائر المياه.