التحري والتحري لا يوصله إلى جهة الكعبة حقيقة فثبت سقوطها وبقى عليه ما في وسعه.
قالوا: وكذلك إذا اجتهد الحاكم في حادثة ثم ظهر النص، لأنه مقصر في طلب النص، لأنه لو طلبه على وجهه لأصابه فلم يكن معذوراً.
فإن قلتم: هو مقصر هاهنا أيضاً، لأنه كان في وسعه أن لا يسافر.
نقول: السفر مباح له، وربما يجب في مواضع فلا يعد مقصراً بالسفر وليس كما لو تبين أنه صلى قبل دخول الوقت، لأنها مل تجب عليه بعد، لأنها تجب بدخول الوقت وأداء الواجب قبل الوجوب لا يتصور. وأما هاهنا فالصلاة واجبة، وإنما الكلام في شرط الأداء وهو أصابه، وقد أصاب ما كلف على ما سبق.
قالوا: وأما أصل الطلب إنما يوجب، لأن الطلب مطمع للوصول وإن كان غير موصل حقيقة فوجب لهذا يبينه أنه لما وجب الطلب لرجاء أن يصب قام رجاء الإصابة مقام حقيقة الإصابة في حق جواز الصلاة وسقط عنه إصابة الكعبة حقيقة العجز.
وهذا كالغازي افترض عليه الرمي إلى الكافر لرجاء إصابة الكافر وإذا رمى ولم يصب نال من الثواب ما لو أصاب، لأن الإصابة متعذرة عليه فقام رجاء الإصابة مقام حقيقة الإصابة. ويلزمون على قولنا أنه ظهر بعد ذلك. كما إذا صلى أربع صلوات إلى أربع جهات بالاجتهاد، فإنه لا يلزمه إعادة شيء منها، وإن تيقن الخطأ في ثلاث صلوات منها، ويلزمون أيضاً إذا تيامن أو تياسر ثم ظهر ذلك فإنه لا يلزمه الإعادة كذلك إذا استدبر.