لم تصل وظهر لك يقين الخطأ فعليك أن تعيد الصلاة إلى جهة الكعبة فيبقى واجب الأمر الأول عليه على هذا الوجه وهو في وسعه قطعاً، ونظيره المسائل التي أوردناها، ونختار منها: مسألة اجتهاد الحاكم، فإنها نظير هذه المسألة من غير ارتياب فإن عليه طلب النص ولم يسقط بخفائه، ولكنه وجب عليه الحكم باجتهاده، مع اعتقاد أنه إذا وجد النص بخلافه نقض الحكم وحكم بما يوافقه، ولم يصير وجوب الحكم بالنص عليه حال الاشتباه تكليفاً إياه ما ليس في وسعه كذلك هاهنا.
وعذرهم عن هذه المسألة ومسألة الثوب والماء أنه مقصر، ليس بشيء. لأن المسألة مصورة فيما إذا لم يقصر وطلب بغاية الجهد ولم يجد ولهذا لم يأثم. وقولهم:((إنما لم يأثم للحرج)).
قلنا: فأسقطوا عنه أصل الأمر للحرج، وكذلك مسألة الصلاة قبل الوقت لازمة أيضاً، وقولهم:((إنه صلى هناك قبل الوجوب)).
قلنا: وهاهنا بلا شرط الجواز وقد عدت هذه المسألة من المشكلات. وقد اتضح بما بيناه غاية الوضوح ولم يبق إشكال أصلاً.
وأما إذا صلى أربع صلوات إلى أربع جهات فقد منع، وعلى أن الصلاة التي أخطأ فيها القبلة غير متعينة له فلم يجب عليه الإعادة مثل ما لو قضى في حادثة بأحكام وعلم أن فيها نصاً يوافق بعضها ويخالف البقية، ولا يدري أيها يوافق فإنه لا ينقض شيئاً من الأحكام.
وأما مسألة ظهور التيامن والتياسر، لأن هناك ما ظهر يقين الخطأ، لأن القبلة عين الكعبة ولا يصيبها إلا بالاجتهاد، وقد فعل ما فعل بالاجتهاد بالاجتهاد فلو أمرنا بالإعادة نقضنا الاجتهاد بالاجتهاد، وفي مسألتنا تبين يقين الخطأ حتى نقول: لو تبين نفس الخطأ في تلك المسألة نقول يجب عليه الإعادة. والله أعلم بالصواب.