وأما قول أبي زيد:((إن قراءة الفاتحة واجبة وليست بركن حتى لا تفسد الصلاة بتركها)).
قلنا: إذا سلمت أنها واجبة لزمت قراءتها في الصلاة، وإذا لزمت صارت منها كأصل القراءة فيكون تركها مفسداً لها.
وهذا لأن علامة الواجب في الصلاة فسادها بتركه.
وأما الذي قالوا: إن قراءة الفاتحة لم تكن واجبة فبقى الأمر على ما كان من قبل، ولأن الفرائض كانت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على التعيين، وقد كانت القراءة واجبة من قبل من غير تعيين سورة من القرآن ثم ورد الشرع بتعيين سورة الفاتحة فوجب الصلاة على هذا المعنى.
وأما قولهم:((إن تعين الفاتحة يؤدي إلى أن يصير باقي القرآن مهجوراً))، فهذا محال لأنه إن كان إيجاب قرأة الفاتحة يؤدي إلى هذا فاستنان قراءتها أيضاً يؤدي إلى هذا، وهذا لأنا وإن أوجبنا قراءة الفاتحة فيشرع معها قراءة غيرها من السورة فلا يؤدي إلى ما قالوه.
وأما قولهم:((إن سائر الأحكام المتعلقة بالقرآن لا تختص بالفاتحة)).
قلنا: سائر الأحكام قد تعلقت بالقرآن على العموم، وهذا على الخصوص بدليل أن عندنا قراءة الفاتحة على التعيين مشروعة على الوجوب، وعندكم على السنة.
وقد قال أصحابنا: إن قراءة القرآن لما وجب في الصلاة وجب أن يتعين الفاتحة لأن القرآن امتاز عن غيره بالإعجاز، وأقل ما يحصل به الإعجاز سورة وهذه أشرف السور لأنها السبع المثاني.