أما قولهم:((إن إخلاء الصلاة من الكلام شرط الصلاة)).
قلنا: قد بينا أنه محظور الصلاة، ودللنا عليه.
أما الخبر فإنه قد أخبر من أنه لا يصلح في الصلاة، ويجوز أن يكون المعنى لا يصلح للحظرية.
يبينه أن جنس الكلام مشروع في الصلاة، ولو كان مبطلاً للصلاة لعينه لم يشرع جنسه كالحدث، فدل أنه مبطل للصلاة لمعنى ارتكاب المحظور، وهذا لا يوجد في حال النسيان، وخرج على هذا الحدث فإنه منافي للطهارة لعينه ثم إذا ارتفعت الطهارة فات شرط الصلاة فلم تجز الصلاة.
فإن قالوا: لا عمل للنسيان إلا في رفع الحرج ففيما وراءه يجعل بمنزلة العدم. قلنا: هذا دعوى بلا دليل بل عمل النسيان إزالة الحظر، فإذا زال الحظر كان الحكم على ما قدمنا، ويبطل هذا الكلام أيضاً بما لو أكل ناسياً في الصوم فإنه قد عمل النسيان فيما وراء رفع الإثم حين لم يبطل به الصوم.
وأما الذي قالوا:((إنه بالنص غي معقول المعنى)).
قلنا: قد ذكرنا معنى صحيحاً يمكن التعويل عليه فلا يترك له.
وأما إذا أكل ناسياً في الصلاة فلا نسلمه بل نقول: إذا أكل ناسياً وإن كان في الصلاة لا تبطل صلاته كما لو تكلم، اللهم إلا أن يكثر الأكل حتى يخرج به عن هيئات المصلين، وكذلك إذا أكثر الكلام في مسألتنا فدل أنه يبطل الصلاة أيضاً، لما ذكرنا.
أما إذا سلم ناسياً فهو لازم، وعذره ضعيف، لأن السلام الذي يخرج به عن الصلاة هو ما كان خطاباً لقوم حاضرين، وهذا غير مشروع جنسه في الصلاة بحال.
وعلى أنا قد بينا أن مسألتنا قد شرع جنس الكلام في الصلاة، فتستوي الصورتان بلا فرق ... والله تعالى أعلم بالصواب.