وأما قولهم:((إنه إذا ارتد بطل الإسلام الذي وجد منه وصار بمنزلة العدم)).
قلنا: إلحاق الموجود بالمعدوم لابد فيه من دليل قطعي، وعلى أنه إن جاز أن يقال: إذا ارتد يصير الإسلام الموجود منه بمنزلة المعدوم، يجوز أن يقال: إنه إذا عاد إلى الإسلام تصير الردة الموجودة منه بمنزلة المعدوم، وهذا أحسن، والشرع عليه أدل، والاعتقاد له أقبل.
وأما الآية التي تعلقوا بها فقد قال في موضع آخر:{وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ}. وذلك الآية المطلقة محمولة على هذه المقيدة، ويصير عمله بمنزلة الموقوف إن مات على الردة بطل عمله، وإن عاد إلى الإسلام بقي له عمله.
وقد قالوا: هذا في أملاك المرتد أنها موقوفة إن دام على الردة، وإن قتل أو مات زالت أملاكه من وقت الردة، وإن عادة إلى الإسلام جعل ملكه بمنزلة المستمر ولم يزل شيء من أملاكه عن ملكه، كذلك هاهنا. والله أعلم بالصواب.