وقد قال الأصحاب في هذه المسألة إنه لا يمكن الوقوف على طهارة الإمام ألا بعرضه للإمامة، فإن نهاية ما في الباب أن يتوضأ بمشهد لكن مع هذا يجوز أنه غير متطهر حتى افتتح الصلاة بأن أحدث وأخفاه وإذا تعذر الوقوف على طهارة الإمام إلا بهذا الوجه سقط ما وراءه.
وقال بعضهم: إن خبره عن جنابته وحدثه غير مقبول، لأنه يحتمل الصدق والكذب ولأنه مهتم في خبره فيجوز أنه قصد به إفساد صلاة القوم.
وكلا المعنيين/ فاسد، لأن في كلا الطريقتين أن صحة صلاة القوم مبنية على صحة صلاة الإمام، وإنما لم نأمر القوم بإعادة الصلاة في مسألتنا، لأنا بينا أن الإمام صلى على طهارة، والمؤتم قد اعتمد في معرفة طهارته بغاية ما يمكن الاعتماد عليه وسقط عنه ما وراء ذلك.
وفي الطريق الثاني: أنه لم يصدقه إن كان جنباً أو على وضوء. وحملنا الأمر على أنه قد صلى بالطهارة.
وينبغي على مذهب الشافعي أن يسلك طريقة يدل على أن الإمام وإن لم تصح صلاته يكون جنباً أو محدثاً فإن صلاة القوم صحيحة، وأن هذا هو مذهبه وأصله وليس يمكن ذلك إلا بالوجه الذي قلنا، فافهم هذا فإنه خفي على كبار الأصحاب. وأما المخالفون قد زعموا أن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام صحة وفساداً، وهذا يأتي في المسألة الثانية، وسنبين الكلام عليه. وقد قاسوا على ما إذا ظهر أن الإمام كان كافراً أو امرأة أو علم أن الإمام جنب فإنه يجب على المأمومين أن يعيدوا الصلاة ونقضوا قولنا أن كل إنسان من القوم مصلى لنفسه بهذه المسائل، وقد قالوا لو كان الأمر على ما قلتم لم تبطل المؤتمين في هذه المسائل.