قلنا: نعم، ولكن قبولاً لا رخصة مثل ما يجوز ترك غسل الرجلين بالمسح قبولاً للرخصة، وهذا لا يدل على أنه لو كان أتم لا يكون فاعلاً للواجب مثل مسح الخف سواء فإنه لو تركه وغسل الرجلين يكون فاعلاً للواجب مثل مسح الخف سواء ولم يدل جواز تركه على سقوطه أصلاً.
وأما قولهم:((إن السفر سبب لسقوط الركعتين)).
قلنا: لا، بل هو سبب للرخصة، يبينه أن النبي عليه السلام سمي القصر صدقة فنجعل العدد الأربع من الركعات كأربعة دراهم وجبت لإنسان على إنسان فتصدق باثنين من ذلك عليه. فإن قبل سقطتا عنه، وإن لم يقبل وجب عليه قضاء الأربع، فكان قضاؤه إياهن على أن جميع ذلك واجب عليه.
وقولهم:((إن ذلك ليس بتمليك)).
قلنا: ولكنه صدقة بنص الشارع فكان حكمها ما بينا، ويمكن ينزله على ما ذكرنا فنزل ذلك منزلة مسح الخفين وغسل الرجل.
وقولهم:((إن هذا تفويض الشرع إلى رأي العباد)).
قلنا: قد ورد مثل هذا في تفاصيل العبادات والجزئيات منها، وإن لم يرد في الكليات، ألا ترى أن الله تعالى ذكر ثلاث أشياء في كفارة اليمين وجعل تعيينها إلى رأي العبد، وأيضاً فإن من أتى بالركوع بأدنى ما ينطلق عليه الاسم فعل الواجب على أصولهم، ولو أطال كان الكل واجباً.
وكذلك قالوا في قيام الصلاة: إذا قام بقدر آية أو ثلاثة آيات يكون هو الواجب عندهم، وإذا قام وقرأ الفاتحة يكون جميعه واجباً، وهذا أيضاً تفويض بقدر الواجب إلى رأي العبد. والله أعلم.