قلنا: القصد لغرض إلى المكان الذي عينه شرط ليكون المفعول سفراً، والغرض معصية، فصار السفر سفراً بما هو معصية.
والدليل على أنه لابد من الخروج إلى المكان الذي عينه لغرض أنه لو خرج إلى ذلك المكان لا لغرض، نقول: لا يترخص برخص المسافرين وينزل منزلة الهائم الذي لا يدري أن يتوجه في سفره، ولا يمكن تمشية المسألة إلا بهذا، وهذا كلام في نهاية القوة، ويتبين به أن المعصية في نفس السفر قد وجد، والحرف ما ذكرنا أن ما به صار السفر سفراً معصية، وخرج على هذا الصلاة في الأرض المغصوبة لأن ما به صار فعله صلاة ليس بمعصية إنا المعصية في شغله أرض الغير، ولم يصر الفعل صلاة بهذا.
وقد أجاب بعض من يدعى التحقيق من المتأخرين عن هذه المسألة وقال: القياس أن لا تجوز صلاته لكنا جوزنا بالإجماع، وهذا مردود لا يلتفت إليه عالم، وكيف يدعى الإجماع، وقد ذهب جماعة كثيرة من علماء الأمة إلى إفساد هذه الصلاة وليس تتأتى مسالك الفقه لكل واحد، ولا ينبغي أن يغتر بطنطة الناس وتزخرفهم في عباراتهم، فإن مع أكثرهم دعاوي عريضة وعجز ظاهر، وتهالك على الألفاظ المروقة من غير طائل. والله العاصم بمنه.
وأما مسألة لبس الخف المغصوبة فلا نسلمها على ما ذكرها ابن القاص وهو الأصح. وأما تعلقهم بالآية فهي محمولة على السفر المباح ودعواهم النسخ بإثبات قيد المطلق كلام تكلمنا عليه مراراً في المسائل. والله أعلم بالصواب.