موجباً للعقوبة وهذا ليس بشيء، لأن الكف من الفعل معصية بنفسه إذا اتصل الأمر بالفعل المكفوف عنه كالكف عن الفعل طاعة بنفسه إذا اتصل الأمر به وذلك في الصوم.
وهذا لأن هذه جناية من حيث ترك الأمر والجناية من حيث ترك الأمر لا يتصور إلا على هذا الوجه وهو الكف عن الفعل المأمور به وإنما صار جناية من حيث الأمر لا من حيث نفس الكف كالفعل من الزنا والقتل صار جناية من حيث النهى، لا من حيث نفس الفعل فمتى تناهى الأمر في المبالغة تناهت الجناية عند الترك، كما إذا تناهى النهي في المبالغة تناهت الجناية عند الفعل.
وقد قيل: إنه لا يتصور جناية لمعنى راجع إلى نفس الفعل، لأنه لو كانت الجناية لنفس الفعل لم يتصور إباحته بحال، والشرعيات قد أبيح فيها أجناس المنهيات مثل: قَتَلَ وقُتلَ، ووَطءَ وَوُطِء، وأَخذَ وأخذ، ولو نهى عن الشيء لعينه لم يتصور ورود الإباحة في نفسه بحال، فثبت أن المعتبر وجود الجناية من حيث ارتكاب النهي أو ترك الأمر، والله تعالى أعلم بالصواب.