نقول: هي في حكم النجس إلا أن النجاسة عرفت شرعاً، فإن النجاسة في حق الصلاة ما يمنع من الصلاة، وإذا كانت الأعضاء نجسة حكماً فما يرجع إلى الصلاة صار الزوال إلى الطهارة باستعمال الطهور عملاً لذات الماء وحكماً له خلقة وطبعاً.
قالوا: وإنما لم يجز الوضوء بغير الماء (لأن الخل طهور لا لعينه، فإن الله تعالى لم يخلقه طهوراً بل هو طهور لمعناه، وهو إزالة عين النجاسة ولم يثبت ذلك في أعضاء المحدث)، فلم يكن طهوراً في حقه لهذا المعنى.
قالوا: وعلى هذا نسلم أن الوضوء عبادة لكن ليست مقصودة لعينها بل المقصود منه التمكن من الصلاة لحصول الطهارة فإذا حصلت الطهارة بأي وجه كان سقط، كالسعي إلى الجمعة يسقط بسعي لا للجمعة، بأن يكون لطلب غريم أو لقاء إنسان، لأن المقصود منه التمكن من الجمعة بالحصول في المسجد فعلى أي وجه حصل سقط الأمر، كذلك هاهنا.
وحرفهم في هذا أن العبادة متى لم تكن مقصودة سقط بحصول المقصود دون العبادة كالسعي إلى الجمعة والجهاد وغير ذلك.
قالوا: ((وإذا عرفت هذا ظهر الفرق بين الوضوء والتيمم، فإن التراب ما خلق طهوراً ليطهر أعضاء المحدث بطبعه، وكان القياس أن لا يحصل بالتراب الطهارة وإن نوى إلا أن الشرع جعل التراب طهوراً للصلاة إذا عدم الماء فما لم يرد الصلاة عند المسح لا يكون التراب طهوراً، كما لم يعدم الماء، وإذا لم يصر طهوراً لم يفد استعماله طهارة، وإذا أراد الصلاة فالآن صار التراب طهوراً ثم الطهارة تحصل باستعماله بغير نية الطهارة،