الأولى لأنها محض التحقيق، وخلاصة الفقه، والتضمين مجرد التأثيم فيه خطر عظيم.
وأما طريقتهم الثانية قولهم:((وجبت الزكاة بصفة اليسر)).
قلنا: بلى، الوجوب معلوم، فأما ضم هذا الوصف إليه فليس عليه دليل اللهم إلا أن يكون المراد به إيجاب قليل من كثير وغيض من فيض فهذا مسلم، وقد وفينا الواجب هذه الصفة حيث لم يوجب إلا على هذا الوجه.
وقولهم:((وجب أن يبقى على وصف ما وجب)).
قلنا: هو ذلك الواجب لم يتغير وبقاؤه بعد هلاك المال من قضية كونه في الذمة وكون المال آلة الأداء، وهذه الآلة وإن هلكت لم يعوز آلة أخرى. وهذا لأن بهلاك المال لا يصير وصفنا الواجب بكونه قليلاً من كثير فائتاً بل هو على ما كان.
الجواب على الطريقة الثانية ممكن أيضاً، لأنه وإن وجب على هذا الوصف لكن تعديه أدخله في ضمانه، كما لو استهلك المال.
وأما فصل هلاك المال قبل التمكن من الأداء فسقوط الزكاة إن سلمنا وجوبها كان لعدم استقرارها، ودليل عدم الاستقرار عجزه عن فعل الإخراج وسقوطه عنه مع تصوره منه محسوساً، بخلاف النائم والمغمى عليه وسقوط غير المستقر غير مستبعد، لأنه يكون واجباً من وجه لا من وجه وهذا الحرف إذا أصابه الفقيه مشى الكلام فليتأمل فيه.
وأما قولهم:((إن قدر الزكاة أمانة)).
قلنا: ليس كأمانة أموال الناس عند الناس إنما معنى الأمانة أن الشرع جعل الإخراج إليه مثل الصلاة والصوم وغيره وفوض إليه، وجعل أميناً عليه، وهذا لا يمنع وجوب الضمان عند قيام الدليل عليه. وقد قام الدليل عليه على ما سبق، والله تعالى أعلم بالصواب.