قلنا: ذلك عند عدم الدليل على وجوب شرط زائد من نية أو ترتيب أو غير ذلك، فأما مع قيام الدليل على النية أو الترتيب فلا، وقد قام الدليل لنا على/ النية وغير ذلك من الشرائط، وبهذا نقول: إن إيجاب طهارة البدن والثوب والغسل من الحيض وغير ذلك لا يكون نسخاً بل هو ضم شريطة إلى شريطة، كذلك هاهنا.
وأما المعنى الذي قالوه فضعيف جداً، لأن عمدتهم هو أن الطهارة قد حصلت بدون النية ولا نسلم ذلك وهل وقع النزاع إلا في هذا.
فأما قولهم:((إن الماء طهور بذاته وعينه)).
قلنا: هذا الأصل لا يمكن القول به في الطهارة عن النجاسة، لأنها طهارة حسية والماء مطهر للمحال من حيث الحس.
فأما الطهارة عن الحدث فلا يمكن إثباتها بهذا الطريق بحال، لأنها طهارة حكمية، ومعنى قولنا:((طهارة حكمية)) أنها إثبات طهارة في محل شرعاً لا يعقل له معنى سوى التعبد.
والحرف إن الماء طهور حساً، والواجب طهارة حكماً، فكونه طهوراً حساً لا يفيد الطهارة الحكمية، نعم يجوز أن يقال: يفيد الطهارة الحسية فلا جرم نقول لا تعتبر النية في الطهارة عن النجاسة للمعنى الذي قالوه. فأما الطهارة الحكمية فلا تثبت إلا بالشرع، لأن الأحكام لا تثبت إلا شرعاً ولا تنفى إلا شرعاً، والشرع ورد بالوضوء للصلاة على ما سبق فلا تثبت الطهارة في غير هذا الموضع، ويمكن أن يقال: إن محز الكلام في المسألة هو (إن الطهارة باستعمال الماء يحكم إنه عبادة أم بنفس الماء، فعندنا باستعمال الماء يحكم إنه عبادة، وعندكم بنفس الماء وطبعه، فنقول ما قلناه أولاً، لأنه لا نجاسة بالأعضاء حتى يزيلها الماء بطبعه)