وقد تعلق الأصحاب بالعشر وصدقة الفطر ابتداء، وقاسوا الزكاة عليهما بطرديات ذكروها، ووجه التعلق بهما بطريق التحقيق هو ما قدمنا.
وأما حجتهم:
قالوا: عبادة محضة فلا تجب على الصبي والمجنون.
دليله: الصلاة والصوم والحج، وهذا لأن الصبي ليس من أهل وجوب العبادات عليه، والشيء لا يجب إلا على أهله، والدليل على أنه ليس بأهل لوجوب العبادة عليه، أن العبادة ابتلاء من الله تعالى لعبده ليظهر من يطيعه ممن يعصيه، ولا يتصور ابتلاء العبد إلا في فعل العبد، فأما الذي لا فعل للعبد فيه فلا يتصور ابتلاءه به، لأن الابتلاء اختبار وامتحان، والإنسان يمتحن بما فعله، ولا يمتحن بما يفعله غيره.
وإذا ثبت هذا الأصل فنقول: ابتلاء الصبي بالعبادة لا يجوز، لأنه إن ابتلى بفعله ففعله غير معتبر، وإن ابتلى بفعل الولي فلا يجوز أن يبتلى الإنسان بفعل غيره، اللهم إلا أن يكون ذلك الغير يفعله بأمره فيقوم فعله مقام فعله لأمره إياه، فأما إذا كان فعله الغير عليه قهراً وجبراً فلا يتصور ابتلاؤه وامتحانه بذلك.
قالوا: وعلى هذا خرج البالغ إذا أمر غيره بأداء الزكاة عنه، لأنه إن كان يؤدى عنه بأمره تحقق معنى الابتلاء والامتحان، وقد حد بعضهم العبادة فقال: هو فعل يفعله العبد على وجه التعظيم لمعبوده باختياره وإرادته ويشتمل الأجرية على ابتلائه وامتحانه. ثم استدلوا على أن الزكاة