أن سبب وجوب الزكاة مال بصفة لمالك مخصوص وقد وجد بعد وجود الدين حسب وجوده قبل وجود الدين، ونعني بالمال بصفة هو النصاب النامي، إما بالسوم أو بالتجارة، ونعني بالمالك المخصوص هو الحر المسلم وهذا قبل وجوب الدين وبعد وجوبه واحد لا يختلف، وهذا لأن الدين وجب في الذمة ولا اتصال له بالمال إلا عند قضائه وأدائه فقبل أن يتصل به فعل القضاء يكون المال وصفة الملك فيه على ما كان من قبل وهو كالشقص المشفوع، فإن الملك فيه للمشتري قبل اتصال أخذ الشفيع به على ما كن من قبل للبائع، وكذلك في القصاص فإن عصمة دم من عليه القصاص اتصال الاستيفاء به يكون على ما كان من قبل وجوب القود.
يبينه: أن الوجوب في الذمة ولا تضايق ولا تمانع الذمة فيجوز أن يجب فيها الحقوق الكثيرة وتجتمع فيها من غير تزاحم وتضايق، فإذا جاز أن تجتمع الديون للناس والزكوات لله تعالى، كذلك حقوق الله تعالى من الكفارات وغيرها والديون، جاز أن تجتمع أيضاً الزكوات والديون، لأنه لا تزاحم في المحل ولا تنافي في الأهلية فاستوى الكل في الوجوب.
وأما حجتهم:
قالوا:((المديون فقير فلا تجب عليه الزكاة كسائر الفقراء)).
والدليل على أنه فقير أنه يحل له الصدقة مع تمكنه من ماله وحل الصدقة دليل الفقر بدليل قوله عليه السلام:((لا تحل الصدقة لغنى ولا لقوى ولا مكتسب)).