للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجواب:

أنا دللنا على أنهما مالان مختلفان جنساً وتعلقنا بالحكم والحقيقة.

وأما قولهم: ((إنما خلقاً للثمنية فيكونا مالاً واحداً في المعنى)).

قلنا: ولم لا يجوز أن يختلفا جنساً، وإن كان خلقا لشيء واحد، لأنه غير مستنكر ولا مستبدع أن يخلق الله تعالى أشياء كثيرة لمعنى واحد، وهذا لأنه إذا خلق شيئاً واحداً لمعنى واحد ضاق الأمر على الناس، وإذا خلق أشياء كثيرة لمعنى واحد اتسع الأمر على الناس وزال الضيق حتى إذا تعذر وصوله إلى واحد في ذلك المعنى وصل إلى غيره.

والدليل على جواز ما قلناه أن الله تعالى قال: {وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ...}.

فقد أخبر أنه تعالى خلق هذه الأشياء لمعنى واحد، ومع ذلك لم يجعل الجميع كمال واحد، وليس كمال التجارة.

ولأن نصاب أموال التجارة من قيمتها، وإذا كان النصاب من قيمتها صار الجنس واحداً، لأنه يقومها إما بالدنانير أو بالدراهم أو بالدراهم وينظر إلى ما اشترى من العروض بها من هذين النقدين فإذا قوم بأحدهما فهو مال واحد وتكميل النصاب جرى في مال واحد لا في مالين مختلفين بخلاف مسألتنا، فإن نصاب الدراهم والدنانير من أعيانها. ألا ترى أن كل جنس لو انفرد لم تجب الزكاة حتى يكمل نصاباً من عينه، قلت القيمة أو كثرت كالسوائم سواء بخلاف الثياب وسائر العروض إذا كانت للتجارة، فإن ثوباً لو بلغت قيمته ألفاً كان نصاباً، وثياب كثيرة إذا لم تبلغ قيمتها

<<  <  ج: ص:  >  >>