اعتباره في هذا الحكم كأنه ليس معه غيره فلم يفضل شيء من العبد عن رأس المال، وهذا بخلاف العبد الواحد، لأنه قد فضل.
وحرفهم في هذا أن رأس المال لا يعتبر/ شائعاً في العبدين بل في كل عبد على حدة، وإذا جعل هكذا لم يحصل فضل رأس المال).
الجواب:
إن كلامه مبني على أن القراض شركة، وقد بينا أن الشركة مع اختلاف الجنس في رأس المال لا تنعقد، وقد بينا هذا في كتاب ((الشركة)).
وقلنا: إن الشركة لا تكون شركة إلا بالاختلاط، ولا يتصور الاختلاط بين المال والعمل. ونقول أيضاً: إن المال نماء المال بكل حال، ولا يتصور أن يكون العمل نماء، لما بينا أن نماء كل شيء ما يكون من جنسه فلا يتصور أن يكون المال نماء العمل، وإنما العمل شرط ظهور الربح، فأما أن يكون الربح متولداً من المال والعمل فكلام مستحيل، ولا يمكن تصحيحه بوجه ما، وإذا ثبت هذا لم يكن القراض عقد شركة إنما هو تسمية جعل للعامل فيستحق ما يستحقه عمالة أو جعالة.
وأما قولهم:((إن الجعالة باطلة فيما بين العباد)).
قلنا: هي صحيحة بدليل أنه لو قال: ((من رد آبقى فله كذا)) يصح، وإذا رد استحق ولأنهم إذا سلموا أنه صح شرعاً فإذا عقد العقد على وفاق الشرع انعقد، ولأن مثل هذا العقد يحتاج إليه العباد وذلك بأن يكون العمل مجهولاً لا يمكن إعلامه، وإذا احتاج إليه العباد فلو لم يصح ذلك منهم أدى ذلك إلى الحرج العظيم فإذا صح سائر العقود لحاجة العباد، فكذلك هذا العقد يصح ويجوز لحاجة العباد أيضاً.