ألا ترى أن من رمى سهماً على ظن أنه حربي يكون خطاً، لأنه لم يقصد من حيث أنه مسلم، فلم يجز أنه يعطي له حكم التعمد للمسلم.
فإن قالوا:((أليس لو سمى الدراهم المطلقة في البياعات ينصرف إلى نقد البلد، وإن كان هو الذي يوجده ويوجبه مثل مسألتنا، ولكن لما كان نقد البلد يعين عرفاً انصرف إليه، كذلك ههنا الصوم عن هذه الجهة وقد تعين شرعاً فيصرف الإطلاق إليه)).
قلنا: المعاملات العرفية يجوز أن يحكم فيها العرف، فأما في مسألتنا فهذه عبادات شرعية فيصار فيها إلى شرائط الشرع، نعم، لو قدرنا جواز صوم لا بنية كأن يجوز أن يقال: إذا أطلق ينصرف على المعتاد المتعارف، بدليل العرف، فأما إذا لم يجز إلا بنية، فلابد أن ينظر إلى نيته فإذا لو ينو المفروض عليه لم يجز أن يحصل المفروض عليه، ويجوز أن يقال: إن تلك المسألة خرجت عن هذا الأصل بدليل وعلى أنها دليل عليهم إذا عين نقداً آخر يتعين، فقولوا ههنا: النفل يتعين ولا يصح الفرض، والله تعالى أعلم بالصواب.